وقد أسس إبراهيم وإسماعيل عيلهما السلام الكعبة لعبادة الله وحده في زمن عمت فيه الوثنية أكثر بلاد الدنيا
ثم أمر الله إبراهيم عليه السلام أن يدعو الناس إلى حج هذا البيت الذي أشرقت منه أنوار الهداية الربانية بدين التوحيد الخالص
فهرع الناس إليه يأخذون منه قواعد الديانة ويتخلصون من أوزار الوثنية وأوضار الشرك إلى عقيدة التوحيد الخالصة
وقد انتشر دين إبراهيم عليه السلام في جزيرة العرب وكانت قبائلهم تحج البيت وتعظم حرماته على ما رسمه لهم أبوهم الخليل عليه السلام من أعمال النسك
ولبثوا على ذلك أحقابا إلى أن نسوا تلك المعالم وهجروا سنة أبيهم إبراهيم بتقادم الزمن وبما عمهم من جهل وبقلة ظهور المذكرين المجددين من الأنبياء والمعلمين وباختلاطهم بمن حولهم من الأمم وتلقيهم عنهم فنونا من العبادات الوثنية وضروبا من النحل الغريبة التي نقلوها إلى جزيرتهم بعد نسيانهم ديانتهم
حتى بلغ من جهلهم أن نصبوا الأصنام التي جلبوها من البلاد الخارجية حول الكعبة وفي جوفها
وجاء الإسلام وهم على هذا الحال من الفوضى الدينية في العقائد
ومع ذلك كانت لهم بقية من ذكريات دين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام تطيف برؤوس المتحنفين والمتألهين
وخصوصا ما اتصل منها بشؤون الحج, فإنه كان أوضح مظاهر ذلك الدين القديم وإن كان مختلفا بما لابسه من مذاهب وبدع وخرافات
ولما قوي الإسلام ودخل فيه أكثر العرب حج الرسول صلى الله عليه وسلم حجة الوداع في السنة العاشرة من الهجرة
وحج معه مائة ألف وأكثر من أصحابه الكرام يقتدون به ويأخذون مناسكهم عنه قولا وفعلا
فجرد شعائر الحج وسننه وآدابه ردها إلى صورتها الأولى على عهد إبراهيم عليه السلام وجردها عما دخلها من البدع والفساد
واقتدى المسملون بفعل النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك العام اقتداء في غاية من الدقة
ولم يتركوا صغيرة ولا كبيرة مما يعرض للحاج منذ خروجه من بيته إلى أن يعود إليه إلا سألوه عنها
وحفظوا كل لفظة نطق بها مع الحرص البالغ الذي لا مثيل له
ويتنافس في ذلك شبابهم وشيوخهم ورجالهم وساؤهم وسادتهم وعبيدهم حتى أحصوا جميع أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم إحصاء لم ينقل في تاريخ أي أمة من الأمم زعيم من زعمائها أو حكيم من حكمائها
ها هي هذه المقالة التي تجيب عن أسئلة كيف تاريخ مشروعية الحج, سوف تجد هذه الكتابة في الكتب الذي ألفه السيد محمد بن علوي المالكي
لا يوجد تعليقات
أضف تعليق